خبراء: الغرب هو المستفيد الأكبر من تراجع أسعار القمح والدول النامية "محلك سر"
خبراء: الغرب هو المستفيد الأكبر من تراجع أسعار القمح والدول النامية "محلك سر"
"ما يحدث عندما ترتفع أسعار الذرة والقمح هو أننا نرى زيادات حقيقية في سوء التغذية ونقصها، وعندما يعاني الأطفال من سوء التغذية، يتباطأ نمو أدمغتهم وتتأثر، لذا فإن هذا ليس مجرد تأثير قصير المدى"، مقولة شهيرة توضح أهمية القمح وتأثير غيابه على الفرد عقلًا وجسمًا.
فبدون القمح لا تنتظر سوى المجاعات والموت، ولعل هذا ما جعل العالم يستبشر بتراجع أسعار القمح مؤخرًا، ولكن هل استفادت الدول النامية بهذا الانخفاض فعليًا في ظل ارتفاع الدولار على حساب العملات الناشئة؟
القصة وما فيها
وفقًا لتقارير متخصصة، فقد تراجعت العقود الآجلة للقمح الأمريكي خلال تعاملات الجمعة الماضية بفعل قوة الدولار وتصاعد الآمال في إحراز تقدم في مفاوضات تهدف للحفاظ على استمرار ممر تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود.
وانخفضت أسعار الذرة وفول الصويا إثر انخفاض أسعار القمح، متأثرة بضعف الطلب وانخفاض أسواق الطاقة والأسهم.
وارتفعت أسعار القمح، الخميس، بعد أن قال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف، لوكالة رويترز، إن موسكو قد ترفض تجديد اتفاق تصدير الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، ومع ذلك، كانت هناك آمال بإحراز تقدم في المفاوضات بعد اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وانخفضت أسعار القمح في مجلس شيكاغو للتجارة 32 سنتا ونصف السنت إلى 8.59 دولار وثلاثة أرباع سنت للبوشل، منهية الأسبوع على انخفاض 2.3 بالمئة في ثاني هبوط أسبوعي على التوالي.
كما هبطت أسعار الذرة في بورصة شيكاغو التجارية تسليم ديسمبر 8 سنتات لتصل إلى 6.89 دولار وثلاثة أرباع سنت للبوشل، بينما نزلت أسعار فول الصويا تسليم نوفمبر 12 سنتا إلى 13.83 دولار وثلاثة أرباع سنت للبوشل.
لكن كلا العقدين أغلقا على ارتفاع على أساس أسبوعي، مع ارتفاع أسعار الذرة 1% وفول الصويا 1.2%.
وتسبب ضعف الطلب على الصادرات في فرض ضغوط على أسعار الذرة، إذ أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية الجمعة عن صافي مبيعات بلغ 260700 طن فقط الأسبوع الماضي، وهو ما يقل عن التوقعات التجارية.
وأثر فتور المبيعات أيضا على فول الصويا، على الرغم من أن المبيعات الأسبوعية البالغة 724400 طن كانت متوافقة مع التقديرات.
وقال متعاملون عبر قنوات إعلامية، إن إعلان وزارة الزراعة الأمريكية عن تسجيل مبيعات يومية ضخمة من صادرات فول الصويا هذا الأسبوع والتي بلغ مجموعها 1.622 مليون طن، معظمها إلى الصين أكبر مستورد لفول الصويا، لم يقدم سوى دعم بسيط للعقود الآجلة نظرا لأنها مبيعات روتينية في الأساس.
بدورها "جسور بوست"، حققت في الأمر مع متخصصين للوقوف على المستفيدين من تلك التغيرات في سوق القمح.
.jpeg)
تراجع الأسعار لا يشمل الفقراء
قال أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، إن المعروض من القمح زاد وفقًا للاتفاق الثلاثي بين تركيا وروسيا وأوكرانيا للسماح بتصدير القمح، وكلما زاد المعروض من السلع قل السعر وهذا ما حدث، وعمليًا اتهم الرئيس بوتين الغرب باستغلال الأزمة لشراء القمح لصالحهم، حيث لا تمتلك الدول الفقيرة المقدرة المالية على فعل الشراء، وعليه فإن 97% ذهب للغرب و3% فقط ذهب إلى الدول الفقيرة.
وتابع أستاذ الاقتصاد في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": أوكرانيا لديها عجز في الميزانية بسبب الحرب ومستلزماتها وهي مضطرة لبيع القمح، في حين استغل الغرب ذلك لملء خزائنه من القمح الذي يمكن تخزينه لسنوات عديدة، القاعدة الرأسمالية تقول إن الأسعار تتحدد وفقًا لقوى العرض والطلب، والمعروض زاد بنسبة كبيرة فلا بد إذًا للأسعار أن تنخفض، ولكن هل سيستمر هذا، الأمر محل شك وإن كان الرئيس الروسي رفض نقض الاتفاق، ولكن ماذا لو اتسعت المعركة وزادت العقوبات على روسيا وزودت أمريكا أوكرانيا بمزيد من الأسلحة، ماذا يحدث؟ لا أحد يعلم.
.jpeg)
وأضاف: أوكرانيا مزرعة أوروبا بها أكبر مساحة مزروعة وتصدر العديد من الحبوب كفول الصويا والذرة، ورغم ذلك فالدول الفقيرة لا تستطيع الشراء، وإذا اقترضت ستقترض بفائدة مرتفعة جدًا، وهذا ما رفضه كثير من الدول وهذا سبب معاناتها، حيث زادت أعباء الدين على هذه الدول كما أن قدرتها على السداد قلّت بسبب ارتفاع الدولار وسعر الفائدة، وإن كان هناك دول متماسكة وهي متوسطة الدخل مثل جمهورية مصر العربية التي أشاد بها صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير.
استغلال أمريكي
قال الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، خالد الشافعي، إن تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية ما زالت تلقي بظلالها على أسعار السلع والمنتجات حول العالم، ورغم ذلك هناك نقلة نوعية في أسعار القمح أخذت اتجاه نحو التراجع للأسبوع الثاني على التوالي بأكثر من 2،3%، وتبع القمح باقي الحبوب كالذرة والصويا، وبصفة القمح المكون الأساسي لرغيف العيش حول العالم فله التأثير الأكبر وشغل بال الكثيرين، وهذا التراجع ناتج عن ارتفاع قوة الدولار وعليه انخفض سعر القمح، وأمريكا هي المستفيد الأكبر لأنها هي من تمد أوروبا بالطاقة بضعف أسعار الدب الروسي وكذلك القمح، لقد استغلت ما يحدث الآن في العالم لصالح الاقتصاد الأمريكي مع انتهاز احتياج دول الاتحاد الأوروبي وتصدره لهم بأسعار مضاعفة.
وأكد الخبير الاقتصادي أن ارتفاع سعر الدولار من شأنه أن يعصف بعملات الأسواق الناشئة، ولا بد من أخذ إجراءات للاستفادة من ذلك التراجع، كتنويع العملات التي يتم الاستيراد بها على أن يكون إحداها الدولار، وهناك عملات كثيرة في حركة التجارة العالمية منها اليورو.
.jpeg)
وأضاف الخبير الاقتصادي: "لكن هل ستستفيد بهذا التراجع الدول؟ نعم سيحدث إذا قامت بتطبيق السياسات السعرية التي يتم الاستيراد من خلاله، ويجب على الدول عمل وقفة للتحكم بالأسواق ومراقبة التجار للمحافظة على أسعار القمح حتى يكون السعر عادلاً للجميع".